سورة يوسف - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


{الر} أنا الله الرَّحمن {تلك} هذه {آيات الكتاب المبين} للحلال والحرام، والأحكام، يعني: القرآن.
{إنا أنزلناه} يعني: الكتاب {قرآنا عربياً} بلغة العرب {لعلكم تعقلون} كي تفهموا.
{نحن نقصُّ عليك أحسن القصص} نبيِّن لك أحسن البيان {بما أوحينا} بإيماننا {إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} وما كنتَ من قبل أن يُوحى إليك إلاَّ من الغافلين.
{إذ قال} اذكر إذ قال {يوسف لأبيه يا أبتِ إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم...} الآية. رأى يوسف عليه السَّلام هذه الرُّؤيا، فلمَّا قصَّها على أبيه أشفق عليه من حسد إخوته له، فقال: {يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً} يحتالوا في هلاكك؛ لأنهم لا يعلمون تأويلها.
{وكذلك} ومثل ما رأيت {يجتبيك ربك} يصطفيك ويختارك {ويعلمك من تأويل الأحاديث} تعبير الأحلام {ويتم نعمته عليك} بالنبُّوَّة {وعلى آل يعقوب} يعني: المُختَصِّين منهم بالنُّبوَّة {على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إنَّ ربك عليم} حيث يضع النبوَّة {حكيم} في خلقه.
{لقد كان في يوسف وإخوته} أَيْ: في خبرهم وقصصهم {آيات} عبرٌ وعجائبُ {للسائلين} الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأخبرهم بها وهو غافلٌ عنها لم يقرأ كتاباً، فكان في ذلك أوضح دلالةٍ على صدقه.
{إذ قالوا} يعني: إخوة يوسف: {ليوسفُ وأخوه} لأبيه وأُمِّه {أحبُّ إلى أبينا منا ونحن عصبة} جماعةٌ {إنَّ أبانا لفي ضلالٍ مبين} ضلَّ بإيثاره يوسف وأخاه علينا. ضلالٍ: خطأ.
{اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً} في أرضٍ يبعد فيها عن أبيه {يخلُ لكم وجه أبيكم} يُقبل بكليته عليكم {وتكونوا من بعده قوماً صالحين} تُحدثوا توبةً بعد ذلك يقبلها الله سبحانه منكم.


{قال قائل منهم} وهو يهوذا أكبر إخوته: {لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب} في موضعٍ مظلمٍ من البئر لا يلحقه نظر النَّاظرين {يلتقطه بعض السيارة} مارَّة الطَّريق {إن كنتم فاعلين} ما قصدتم من التًّفريق بينه وبين أبيه، فلمَّا تآمروا بينهم ذلك وعزموا على طرحه في البئر.
{قالوا} لأبيهم: {مالك لا تأمنا على يوسف} لِمَ تخافنا عليه؟ {وإنا له لناصحون} في الرَّحمة والبرِّ والشَّفقة.
{أرسله معنا غداً} إلى الصَّحراء {نرتعْ ونلعبْ} نسعى وننشط {وإنا له لحافظون} من كلِّ ما تخافه عليه.
{قال إني ليحزنني أن تذهبوا به} ذهابكم به يحزنني؛ لأنَّه يفارقني، فلا أراه {وأخاف أن يأكله الذئب} وذلك أنَّ أرضهم كانت مذأبة {وأنتم عنه غافلون} مشتغلون برعيتكم.
{قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة} جماعةٌ بحضرته {إنا إذاً لخاسرون} لعاجزون.
{فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه غيابت الجب} وعزموا على ذلك أوحينا إلى يوسف في البئر تقويةً لقلبه: لتصدقنَّ رؤياك ولَتُخبِرِنَّ إخوتك بصنيعهم هذا بعد هذا اليوم {وهم لا يشعرون} بأنَّك يوسف في وقت إخبارك إيَّاهم.


{قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق} نشتدُّ ونعدو ليتبيَّن أيُّنا أسرع عَدْواً {وتركنا يوسف عند متاعنا} ثيابنا {فأكله الذئب وما أنت بمؤمنٍ لنا} بمصدِّق لنا {ولو كنَّا صادقين} في كلِّ الأشياء لأنَّك اتَّهمتنا في هذه القصَّة.
{وجاؤوا على قميصه بدم كذب} لأنَّه لم يكن دمه، إنَّما كان دم سخلةٍ {قال} يعقوب عليه السَّلام: {بل} أَيْ: ليس كما تقولون {سوَّلت لكم} زيَّنت لكم {أنفسكم} في شأنه {أمْراً} غير ما تصفون {فصبر} أَيْ: فشأني صبرٌ {جميل} وهو الذي لا جزع فيه ولا شكوى {والله المستعان على ما تصفون} أَيْ: به أستعين في مكابدة هذا الأمر.
{وجاءت سيارة} رفقةٌ تسير للسَّفر {فأرسلوا واردهم} وهو الذي يرد الماء ليستقي للقوم {فأدلى دلوه} أرسلها في البئر، فَتَشَبَّثَ يوسف عليه السَّلام بالرِّشاء فأخرجه الوارد، فلمَّا رآه {قال يا بشرى} أَيْ: يا فرحتا {هذا غلام وأسروه بضاعة} أسرَّه الوارد ومَنْ كان معه من التُّجار من غيرهم، وقالوا: هذه بضاعةٌ استبضعها بعض أهل الماء {والله عليم بما يعملون} بيوسف، فلمَّا علم إخوته ذلك أتوهم، وقالوا: هذا عبدٌ آبقٌ منَّا، فقالوا لهم: فبيعوناه، فباعوه منهم، وذلك قوله: {وشروه بثمن بخسٍ} حرامٍ؛ لأنَّ ثمن الحُرِّ حرامٌ {دراهم معدودة} باثنين وعشرين درهماً {وكانوا} يعني: إخوته {فيه} في يوسف {من الزاهدين} لم يعرفوا موضعه من الله سبحانه وكرامته عليه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8